أكادير، 24 و25 دجنبر 2016
أعد التقرير: رشيد نجيب
نظمت رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية ملتقاها الوطني السابع يومي 24 و25 دجنبر 2016 بقاعة غرفة التجارة والصناعة بأكادير بشراكة مع وزارة الثقافة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وعرف الملتقى حضور عدد من الكتاب والمبدعين والباحثين والإعلامية وطلبة الجامعة. تميز ملتقى هذه السنة بتنظيم ندوة علمية تمحورت حول:”الأدب الأمازيغي الحديث، بين التراكم الأزايكوتي والمتابعة النقدية”، إضافة إلى معرض للكتاب والاحتفاء بشخصية الملتقى وتتويج المبدعين الفائزين بالجائزة الأدبية للرابطة فضلا عن ورشة تكوينية خاصة بالكتاب المنخرطين.
الجلسة الافتتاحية للملتقى :
قدم الأستاذ لحسن زهور خلال هذه الجلسة كلمة افتتاحية ترحيبية خاصة بالملتقى الوطني السابع للكتاب بالأمازيغية والذي تنظمه رابطة تيرا مذكرا بخصوصية ملتقى هذه السنة والتي تتميز بصدور 100 كتاب ضمن منشورات الرابطة (113 إصدار تحديدا) مقدما أنشطة الملتقى كما حددت في البرنامج الموزع على الجمهور الحاضر والذي تضاعفت أعداده مقارنة بالملتقيات السابقة.
وألقى بدوره الأستاذ محمد أكوناض – رئيس الرابطة – كلمة ترحيبية شاكرا الجمهور الحاضر مقدما المحور العلمي الذي ستشتغل عليه الندوة العلمية المبرمجة ضمن فعاليات الملتقى ويتعلق الأمر بالنقد الأدبي محددا الدواعي التي فرضت تنظيم هذا اللقاء والمتمثلة في وجود تراكم أدبي هام في الكتابة بالأمازيغية ووصول رابطة تيرا إلى الإصدار رقم 100 في مسيرتها متوقفا عند رمزية هذا الرقم مقترحا ضرورة تحفيز الشباب على الكتابة واستثمار حماسهم وطاقاتهم في هذا الإطار ومذكرا بالأهداف التي تستهدف رابطة تيرا تحقيقها والمتمثلة في: مساعدة الشباب المبدع على الكتابة والنشر بالتركيز على الأدب الأمازيغي المكتوب، القيام بتكوينات مستمرة في مجال الكتابة بالأمازيغية سواء بالتركيز على الإملائية باحترام المعيرة اللغوية وكذا الأجناس الإبداعية المتنوعة، إنجاز قراءات تقديمية ونقدية للإبداعات والإنتاجات الصادرة، المشاركة في المعارض محليا وجهويا ووطنيا…وخلال هذه الكلمة أشاد الأستاذ أكوناض بمجهودات مختلف الشركاء الاستراتيجيين لرابطة تيرا: وزارة الثقافة، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة ابن زهر بأكادير، المجلس الحضري لأكادير، جمعية سوس ماسة للتنمية الثقافية، فعاليات اقتصادية…
وفي ارتباط بالتكريم، تكريم الأستاذ والمفكر أحمد عصيد المبرمج برسم فعاليات الملتقى، تمت الإشادة بالمسار الفكري والحضور الثقافي للأستاذ أحمد عصيد خدمة للثقافة واللغة الأمازيغية ببلادنا.
الجلسة العلمية الأولى (في الفترة الصباحية): المسير د.عبد المطلب الزيزاوي
المتدخل الأول: الأستاذ الباحث أحمد بوزيد في موضوع: “آليات تحليل الخطاب الشعري الأمازيغي المعاصر”
ارتكزت المداخلة على دراسة الشعرية الأمازيغية الحديثة وملامسة مدى انخراطها في منظومة الحداثة مع استحضار القطائع التي تجسدها هذه التجربة الجديدة مع الأشكال التقليدية القديمة في الإبداع الشعري بالأمازيغية واعتبر الباحث كون ديوان “تاسليت ؤنزار” لصاحبه حسن إدبلقاسم شكلا من أشكال العبور نحو أشكال إبداعية جديدة تجاوزت الأزمة الحاصلة في قول الشعر مقدما الإطار النظري الناظم للمداخلة والمتمثل في الكتاب المرجعي:”النص والناقد والعالم” للكاتب إدوارد سعيد والمرتكز إلى الأشكال النقدية التالية: النقد العلمي، النقد التاريخي والأدب، النقد والتقويم، بناء النظرية الأدبية.
بعد هذا الإطار العام، قدم المتدخل قراءة في المنجز النقدي الخاص بالأدب الأمازيغي المكتوب خاصة في الشق المرتبط بالإبداع الشعري وتميز هذه المواكبة النقدية برؤيتين نقديتين مختلفتين هما: استعادة النقد العربي القديم والانفتاح على النقد الحديث. ليقدم بعد ذلك خصوصيات كل نموذج نقدي على حدة، فالنموذج الأول يتميز باستعارة مجموعة من المفاهيم من النقد العربي القديم من قبيل: القصيدة، البيت، الكسور ومحاولة إسقاطها على الإنتاج الشعري المكتوب بالأمازيغية وذلك بالتركيز على الأغراض الشعرية وما يستهدف الشاعر قوله، ويصف الباحث هذا الأسلوب بكونه محدودا وضيق الأفق ولا يمكن من الإحاطة بمجمل الجوانب الفنية والجمالية والشكلية الخاصة بالشعر الأمازيغي ممثلا لهذا النموذج بأمثلة كثيرة. أما النموذج النقدي الحديث فيتجاوز الاشتغال على النص الشعري لوحده لينفتح على عوالم أخرى تستحضر مقومات النقد الأدبي الحديث بما في ذلك من استحضار لكل النظريات النقدية التي تهتم بالنص والملتقي والتناص والصورة الشعرية وتوليد الدلالة الشعرية والرؤية الشعرية والأنتروبولوجية مقترحا نماذج من الدراسات النقدية المندرجة ضمن هذا الإطار.
وفي علاقة بالمرجأ في إطار نفس التحليل، أثار الباحث الانتباه إلى بعض المدارس والتيارات التي يتميز بها المشهد الشعري الأمازيغي سواء في شقه التقليدي أو الحديث مؤكدا على أهمية الاشتغال على النص الشعري بمقاربات جديدة تستثمر الحداثة وتنفتح على الآليات النقدية الجديدة.
المتدخل الثاني: الأستاذ الباحث الحسن سينا في موضوع:”قراءة في مقدمات الدواوين الشعرية الأمازيغية”
أكد المتدخل في بداية مداخلته كون المقدمات الخاصة بالدواوين الشعرية لا تمثل خطابا بريئا ومتجاوزا بل لها دورها في تحقيق مقروئية أكثر للديوان الشعري. وتضمنت المداخلة العلمية شقا نظريا يرتكز إلى مفهوم العتبات عند الناقدة جيرار جينيت وشقا عمليا تطبيقيا استثمر مقدمات الدواوين الشعرية. وحاول الباحث تبيان الأهمية والوظيفة التي تؤديها العتبة والنص الموازي انطلاقا من تصور جيرار جينيت، هذه الأهمية التي تجعل النص الموازي يساوي النص نفسه فالمقدمة خطاب افتتاحي قبلي وبعدي زمنيا تأتي بعد كتابة النص وتتسم بالإيجاز والاختصار والتركيز.
وتوقف المتدخل عند أهمية المقدمات المرفقة بالدواوين الشعرية بالنسبة للقراء بمحتواها الذي يعكس عدة جوانب من حيث الشكل والقضايا المتناولة والإيديولوجيا السائدة، معتبرا إياها بوصلة للقراءة الجيدة مقدما تصنيفاتها الممكنة ما بين التقريضية والنقدية والموازية. وحلل المتدخل وضعية النص الموازي على مستوى الدواوين الشعرية المكتوبة بالأمازيغية ليجد دوواين تضمنت مقدمات وأخرى لم تتضمنها. معتبرا أن المقدمات التي تضمنتها الدواوين الشعرية المكتوبة بالأمازيغية تختلف لغتها (أمازيغية، عربية، فرنسية) وهي لغة نقدية تساهم في التأسيس لوعي نقدي أمازيغي. وقد تكون مقدمة سياقية تركز على ظروف إنتاج النص أو احتفالية تعريفية أو نقدية تتضمن أراء نقدية وهي النوع الأكثر تداولا وانتشارا تتناول أسئلة ودوافع الكتابة وسمات الخطاب الشعري…
ليقدم المتدخل في الأخير خلاصات مداخلته كالتالي: حضور قوي للعتبات داخل الدواوين الشعرية المكتوبة بالأمازيغية، وظيفة العتبات تتمثل في التأسيس لميثاق التلقي مع القارئ، تموقع المقدمات ضمن الخطاب النقدي، مساهمة المقدمات في بناء الدلالات والمعاني المتضمنة بالمجموعة الشعرية.
المتدخل الثالث: الأستاذ الباحث عبد الوهاب بوشطارت في موضوع: ” الترجمة إلى الأمازيغية: محاولة تحليل نقدية”
مهد المتدخل لمداخلته بإطار منهجي عام أشار فيه إلى أهمية وجود تاريخ أدبي على مستوى الكتابة بالأمازيغية للتوفر لاحقا على نقد أدبي معتبرا أن الترجمة ترتبط بالوعي وهي تحدي وتمرين مستمر لخدمة الأدب لأن المترجم يساهم في تهيئة اللغة وبنائها فما بالك حينما يتعلق الأمر بلغة مثل الأمازيغية تعرف انتقالا مهما من الشفوي إلى المكتوب. وتوقف المتدخل عند الحالة الراهنة للترجمة إلى الأمازيغية على المستوى الوطني والتي تتميز بوجود الترجمة الدينية والأدبية والقانونية. وقد اختار المتدخل رواية “الجحش الذهبي” للوكيوس أبوليوس ليقدم مجموعة من الملاحظات على مستوى ترجمتها إلى اللغة الأمازيغية مع القيام بمقارنات مع الترجمات الأخرى خاصة العربية والفرنسية مؤكدا على أهمية العودة إلى اللغة الأمازيغية على مستوى تعابيرها المتنوعة قبل الإقدام على اختيارات لغوية أخرى.
الجلسة العلمية الثانية (في الفترة المسائية): المسير ذ. رشيد الحاحي
المتدخل الأول: الأستاذ الباحث أحمد عصيد في موضوع: “قضايا نظرية ومنهجية في النقد الأمازيغي الحديث”
أكد المتدخل في البداية على أهمية ودقة المرحلة التي تمر منها الأمازيغية في ارتباطها بمرحلة النهضة التي تعتبر الكتابة مدخلا أساسيا لها مقدما في هذا الإطار عددا من المقترحات: ضرورة تشجيع الشباب على الكتابة والإبداع في الأجناس المختلفة (شعر، قصة، رواية، مسرح، سيناريو)، ضرورة إحداث مجلة أدبية خاصة بالنقد الأدبي للإنتاج المكتوب بالأمازيغية، عقد لقاءات بين المبدعين وعموم التلاميذ بالمؤسسات التعليمية…
وربط المتدخل بين النقد الأدبي وبين مسلسل مأسسة اللغة الأمازيغية الذي يقتضي: الحماية القانونية للغة (الدستور، القوانين التنظيمية)، توفر نحو اللغة، توفر معجم اللغة، إنجاز أنطولوجيات أدبية. ليشير بعد ذلك إلى أهمية الاهتمام بالمصطلحات بتوقفه عند دلالة ومعنى كلمة “أفران” الدالة على النقد في الأمازيغية. وأبرز المتدخل ما أسماه التوازنات الضرورية: إعادة الاعتبار للأدب والقراءة الأدبية والنص الأدبي بالأمازيغية انطلاقا من البحث العلمي لأن الاهتمامات البحثية الأولى في مجال الأمازيغية ارتكزت على البحث اللساني مقابل تركيز ضعيف على الأدب، إعادة الاعتبار لفنية وجمالية الأدب لأن هناك نقصا في المقاربة الجمالية للأمازيغية في المجال الأدبي، ضرورة معرفة ما يتميز به الأدب الأمازيغي الحديث مقارنة مع الأدب العالمي بمختلف اللغات مع استحضار كل من الخصوصية والكونية والتجذر والتأصيل والانفتاح والتقليد والتحديث في هذا الإطار. وألح المتدخل في الأخير على أهمية وملحاحية إنشاء خطاب نقدي أمازيغي بأدواته ومصطلحاته وآفاق اشتغاله للإسهام الجدي في تطوير الأدب الأمازيغي المكتوب.
المتدخل الثاني: الأستاذ الباحث العربي موموش في موضوع:”دراسة العناوين في القصص الأمازيغية”
أشار المتدخل إلى كون مساهمته الرامية إلى دراسة عناوين المجاميع القصصية الصادرة بالأمازيغية خلال الفترة ما بين 2008 و2015 تندرج ضمن مقاربة كمية حيث ستركز الدراسة على مقاربة عناوين ما يقارب 70 عملا إبداعيا في المجال القصصي بالأمازيغية مع العلم أن دراسة العناوين تعتبر مجالا جديدا وخصبا يستحضر الأبعاد اللغوية والفنية الجمالية.
وتضمنت المداخلة شقا نظريا هم تعريف العنوان وأهميته ووظيفته في الأدب مع ذكر جملة من النظريات التي أحاطت بدراسته وتحليله خاصة إسهامات الناقدة جيرار جينيت في ذلك، دون إغفال ما قدمته كذلك الدراسات اللسانية من تحليل لعناوين الأعمال الأدبية كالنظرية الوظيفية والنظرية التحويلية. إضافة إلى الشق العملي الذي حلل فيه المتدخل عناوين المجاميع القصصية التي اثر الاشتغال عليها من زوايا عدة.
الجلسة الختامية:
تميزت الجلسة الختامية للملتقى بتكريم الأستاذ والمفكر أحمد عصيد حيث قدم كل من الأستاذين محمد أوسوس ومحمد أكوناض شهادتين في حق المحتفى به، إضافة إلى تقديم شواهد تقديرية للأساتذة الباحثين المؤطرين لأشغال الندوة العلمية للملتقى. وسيرا على عادتها، أعلنت رابطة تيرا عن نتائج مسابقتها الأدبية السنوية حيث حصل عليها هذه السنة كل من المبدعين: محمد أوضمين زيري، الحبيب الكناسي، حسن أوبراهيم، سعيد أيت حساين الذين تم تتويجهم بهذه المناسبة. ليختم اللقاء بتقديم شريط من توقيع الأستاذة عزيزة نفيع حول إنجازات رابطة تيرا خاصة في مجال الكتابة الأدبية.
اللقاء التكويني:
احتضن مقر نادي المدرس بأكادير صبيحة يوم 25 دجنبر 2016 فعاليات اللقاء التكويني الذي نظمته رابطة تيرا لفائدة الكتاب المنخرطين حول الإملائية الأمازيغية، تكوين أشرف عليه الأستاذ الباحث عياد ألحيان.
أعد التقرير: رشيد نجيب