محمد ديكر-أكادير
تعتبر قصة الأطفال باللغة الأمازيغية “أسردغيول د ترﯕا”، اضافة جديدة للخزانة المغربية، و هي للكاتبة زهرة ديكر ابنة مدينة أﯕادير.للكاتبة أيضا اصدارات أخرى عديدة في أدب الطفل، نذكر منها العناوين التالية: يوفتن غ تاكانت نيسافارن – يوفتن في غابة الأعشاب- ، أزمومك ايميشكي – الابتسامة الضائعة-، اسردغيول د ترﯕا – البغل و الساقية- و مسرحية أكسيل أربا أﯕرو – أكسيل الطفل الضفدع-.
قصة “أسردغيول د ترﯕا” من منشورات رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية سنة 2018، و بدعم من وزارة الثقافة.جاءت هاته القصة من 64 صفحة، كتبت بالحرف اللاتيني و تيفيناغ، و تناولت موضوع الغرور و التكبر و احترام و تقدير الأصدقاء. الغلاف الأمامي يحمل صورة لمزرعة جميلة يتوسطها بغل عصبي المزاج يرفس بقوة، بينما نرى كتاكيت و ديكة و دجاجات، بالإضافة لكلب يهربون بفزع واضح من جواره.أعلى الغلاف نجد اسم الكاتبة بالحرف اللاتيني و اسم المجموعة القصصية بالحرف اللاتيني و تيفيناغ، في أسفل الغلاف جنس الكتاب و جهة الإصدار، الغلاف الخلفي يحمل مقطعا صغيرا من القصة كتب بحرف تيفيناغ.
الكتابة القصصية للطفل تتطلب ابداعا في الرؤية و التعبير، و قد ساعد الكاتبة عملها كمعلمة و مربية أطفال و احتكاكها بالطفل و سبر أغوار عوالمه و خياله و التقرب منه، للكتابة له بنجاح يشهده الجميع، و لسوف يجد القارئ الكثير من الخيال الخصب، و المغامرات الشيقة، التي تلفها الدهشة و الترقب و الانبهار في جل قصصها للطفل و أيضا للكبار.
تتألف قصة “أسردغيول د ترﯕا” من ثمان قصص متشابكة و متفاوتة الطول، لقصة واحدة بمضمون واحد، تحمل العناوين الآتية:
1- أسردغيول بو تكركاس ( البغل الكاذب)
2- تيبرّانين ن أوسردغيول ( مصائب البغل)
3- ئيمطاون ن تغبالوت (بكاء جدول الماء )
4- أتيك ن ئيمدوكال (قيمة الاصدقاء)
5- تساروت ن وامان (مفتاح الماء)
6- أتيك ن ئيمدوكال (قيمة الاصدقاء)
7- أجديك أملاّل ئيسمرغان(الوردة البيضاء البراقة).
8- ؤوفور ن تسورا ن وامان (سر مفاتيح الماء).
تتكون كل قصة تقريبا من صفحة واحدة إلى صفحتان، تبدأ الكاتبة قصة “اسردغيول د ترﯕا”، بتلخيص قصير للمجموعة القصصية المعنونة ب: “أزمومك ءيميشكي” – الابتسامة الضائعة-، و تعتبر القصة التي بين أيدينا جزءً جديدا لها بمغامرة جديدة يعيشها نفس الأبطال.تدور معظم مراحل هذه القصة في المزرعة و الحقول، و تبدأ بضيف جديد، بغل قوي يدعى “أهكاكّاي”، اشتراه المزارع -السيد أمياس- صاحب المزرعة ليحل محل البقرة تومرت في أعمال الحقل و الحرث.
يُنهي البغل عمله اليومي بدقة بالغة و سرعة فائقة، لكن رغم تسرعه، عمله منظم و مرتب و جميل، بعد اتمامه للعمل يذهب وحيدا للجري و اللعب لساعات طويلة في الحقول، لكن البغل لم يكن محبوبا كما البقرة تُومرت، ليتضح السبب فغروره يفوق الوصف، يصل به التكبر ليعتقد أنه أفضل و أجمل و أقوى من الجميع، يزداد غرورا و تكبرا يوما بعد يوم، فيعتدي على حيوانات المزرعة صغارا و كبارا، بالرفس حينا و الضرب احيانا كثيرة، تشتكي حيوانات الحظيرة للبقرة تُومرت ما تلاقيه من ثورات البغل المغرور المتكررة بلا سبب يذكر. تتحرك “تومرت” بسرعة لاستبيان الحقيقة و الوقوف على ملابسات القضية.فهالها ما رأت و ما سمعت، فالبغل يرفس كل من يقف في طريقه أو يأكل من طعامه و الويل الويل لمن يجلس في مكانه، أو يقترب من مكان نومه و جلوسه، أو فقط لم يقدم له التبجيل و الاحترام وقت مروره بجواره، لم تكن حيوانات المزرعة فقط من يعانى من ثورات البغل، فحتّى بطّات البحيرة المجاورة، و كذا السنجاب ،الشجرة و جدول الماء، نالوا نصيبهم من جبروته المقيت و غضبه البغيض.
بعد أن استمعت فرحة لشكاوي الأصدقاء، و بعد ما رأت و سمعت من البغل الذي يرفض أن يعترف بالحقيقة كاملة، تيقنت من صدق أقوال المشتكين و أن البغل مغرور و متجبر و لا يستمع لنصائح أحد، لذا قررت معاقبته، خاصة بعد أن اقترح عليها الجدول طريقة ذكية لجعله يعترف بذنبه، و يدرك أهمية احترام الغير و قيمة الأصدقاء في حياة الفرد.يدرك البغل خطأه الكبير و يعترف بذنبه الجسيم، و يعتذر لأصدقائه و يمد لهم يد المساعدة، و يعالجهم مما أصابهم من جروحات بسبب رفساته القوية، ليساعدوه هم كذلك بدورهم لحصوله على مفتاح الماء، الذي بدونه لا يمكن لأحد من حيوانات الحظيرة الحصول على الماء من الجدول، تنتهي القصة بسرقة كل مفاتيح الماء لتحوم الشكوك من جديد حول البغل، و لتعطينا الكاتبة زهرة ديكر موعدا جديدا لانتظار قصة جديدة من هذه السلسة و لربما ستدور أحداثها هذه المرة حول السرقة.
قصة “أسردغيول د ترﯕا “، ككل قصص الصغار التي تعالج مشكلا سلوكيا على شكل قصة ذات أحداث متشابكة، و مغامرات بهيجة تسحر خيال الطفل و تجعل مخيلته تسافر عبر عوالم تحمل له التشويق و المغامرة و الجمالية السردية و اللفضية.لغة الكتاب معيارية بمعجم بسيط، لم تبتعد من خلاله الكاتبة عن معجم الطفل اليومي من كلمات و تعابير لغوية غنية و مفيدة، تزيد من رصيد الطفل اللغوي كما تزوده بمختلف الخبرات المعرفية، الثقافية، الوجدانية و كذلك النفسية والسلوكية.قدمت الكاتبة زهرة ديكر قصتها من ثمان قصص قصيرة متسلسلة من صفحة واحدة إلى صفحتان، مما سيسهل قراءتها و استيعابها من طرف القارئ الصغير، و الجميل طريقة المرور من قصة لأخرى حيث تغريك نهاية القصة ببداية أخرى جديدة. نلاحظ من خلال قراءتنا لقصة اسردغيول د ترﯕا أن الكاتبة تطرح فكرة بسيطة على شكل مشكلة وفق أحداث متسلسلة دون تعقيد، فالبغل القوي الذي يقوم بعمل متفان و جيد، يصاب بالغرور و حب النفس فيؤدي الآخرين من غير سبب واضح، نتيجة لذلك يخسر أصدقائه لكن فقط حين يحتاج مساعدتهم يدرك أهميتهم و قيمتهم، و يدرك أيضا ما لحب الخير و التواضع من مكانة عظيمة في النفوس.
تعالج القصة بعض السلوكيات و الممارسات الغير مرغوب فيها، على لسان حيوانات محبوبة للطفل و قريبة من عالمه: كالبقرة، القطة، الدجاجة …، و كل هذا بأفكار و مضامين و أساليب متعددة تجعل الطفل يستخلص العبر، بعيدا عن أساليب التلقين المباشر.كتبت القصة بلغة بسيطة و بتعابير أبسط و بسلاسة و طلاقة تحقق في نفس الوقت الدهشة و المغامرة و الجمالية اللفظية، و تبعث أيضا الفضول و حب الاستكشاف في نفسية الأطفال، و صولا لترسيخ مفاهيم تربوية و تعليمية هادفة بصورة محببة للطفل. و لا ننسى ما للقصة من دور هام في اكتساب الطفل لمفردات لغوية سليمة، وتصحيح النطق اللغوي، فيصبح بذلك أكثر تحكماً في مخارج الحروف، وأكثر إتقاناً لنطق الكلمات.
ختاما، أود أن أشارككم مقطعا قصيرا من هذه القصة الممتعة الجديرة بالقراءة:
Mklli nn tlla tumrt g imi n tgrurt n imudar imgrad, ad tssfld i tɣuyyit isqqaqn n ukiyyaw mẓẓiyn ” Aylal “, igllin issyagas t uhkakkay s isfuqqar nns msadnin, tsɣuyyu tfullust, tasi tt tljdadaɣt, iswu tt inn lḥal s mad igguran i yiwis mẓẓiyn.ar yalla ukiyyaw, tifrt nns tṛẓa, tiqqrt nns tmmullẓ, ɣlin d iẓnniṛn iggutn ɣ imudar n tgrurt, ssutln i waylal, kra iga asafar i tfrt nns, kra yuss ammulẓ n uḍaṛ nns, asrdɣyul immr ar iḍṣṣa, ssusmn t imṭṭawn d issngi waylal mẓẓiyn, ssusmn t uggar iẓnniṛn d iɣlin ɣ imudar.