إعداد: رشيد نجيب
الحلم الذي يقوم به فرد واحد يبقى مجرد حلم، أما الحلم الذي تقوم به الجماعة فإنه يتحقق.
الفيلسوف ابن ميمون
تعتبر تجربة رابطة تيرا للكتاب باللغة الأمازيغية من التجارب الجمعوية والأدبية والتنظيمية التي تستحق الاهتمام والدراسة على الأقل بالنظر للدواعي التالية:
أولا، اعتبارها من الجمعيات القليلة المتخصصة في مجال الإبداع والكتابة بالأمازيغية ونشر الكتاب الأمازيغي.
ثانيا، تأسيسها من طرف نخبة من المفكرين والمبدعين والمثقفين الأمازيغيين والمتوفرين على تجربة طويلة وممتدة سواء في مجال النضال من أجل الأمازيغية عموما أو في مجال الكتابة والإبداع باللغة الأمازيغية.
ثالثا، سعيها إلى جمع شتات مختلف الكتاب والمبدعين باللغة الأمازيغية وتشجيعهم وعقد لقاءات بينهم وبين عموم القراء والإسهام في تكوينهم للرفع من أدائهم في المجال الإبداعي واللغوي في سياق يتسم بانتقالات قوية ودالة للأمازيغية من الشفوي إلى المكتوب، وذلك كله في إطار مبدإ إنساني يروم جعل فئة الكتاب والمبدعين باللغة الأمازيغية “عائلة صغيرة”.
رابعا، العمل النوعي الذي حققته الرابطة في مجال الكتابة بالأمازيغية خلال الفترة الزمنية التي تلت تأسيسها في 10 يوليوز 2009، وهذا ما يتجلى في العديد من المبادرات النوعية التي تبنتها من أجل خدمة الكتاب الصادر بالأمازيغية.
ظل حلم تأسيس إطار مدني يهتم خصيصا بشؤون الكتاب الأمازيغي وبأحوال أصحابه حلما لطالما راود الكثيرين منذ انطلاقة النضال الأمازيغي بالمغرب، وتحول هذا الحلم إلى موضوع للنقاش الجماعي العام كلما نظم ملتقى معين يتناول الأمازيغية في أي جانب من جوانبها، كما أن ذات الحلم أضحى توصية ومطلبا بفعل الطفرة التي حققتها الكتابة بالأمازيغية منذ نهاية الستينيات بفعل ازدياد عدد الإصدارات وارتفاع أعداد المهتمين بالكتابة بواسطة اللغة الأمازيغية. أهمية هذا الحلم الذي بدأ يتحول تدريجيا من الفردي ليكتسب طابعا جماعيا تتجلى كذلك في كون الدعوة إلى الكتابة بالأمازيغية كفعل نضالي لا يقل أهمية عن بقية ركائز وأسس النضال الأمازيغي بالمغرب.
وحين حل يوليوز 2009، لم تعد فكرة لم شمل المبدعين بالأمازيغية والاهتمام بشؤون وأحوال الإبداع الأمازيغي مجرد حلم فردي أو جماعي، لا بل أضحى ذلك حقيقة واقعية حين احتضنت مدينة أكادير أشغال الجمع العام التأسيسي لرابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية.
وعبر العمل الفريد والنوعي وغير المسبوق الذي أنجزته رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية منذ تأسيسها إلى غاية اليوم، جسدت فعلا كهيئة من هيئات المجتمع المدني الأمازيغي وعيا عصريا بالهوية الأمازيغية بالمغرب عاملة على الاهتمام بالمكون الثقافي الأمازيغي في شقه الإبداعي والفكري واللغوي…فمنذ تأسيسها، وضعت رابطة تيرا كغاية كبرى خدمة الكتاب الأمازيغية وجندت لهذه الغاية نخبة من المبدعين والكتاب والمفكرين والباحثين، ووضعت برامج عمل متنوعة كما عقدت شراكات نوعية مع عدد من الهيئات والمؤسسات (المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، شعبة الدراسات الأمازيغية بجامعة ابن زهر بأكادير، وزارة الثقافة،…) واتخذت مبادرات متميزة وغير مسبوقة كان لها أثرها الواضح والجلي في الارتقاء بوضعية الكتاب المكتوب بالأمازيغية.
في المجال الإشعاعي، بادرت رابطة تيرا إلى عقد سلسلة من اللقاءات المفتوحة والندوات التخصصية وحفلات مخصصة لتقديم وتوقيع الإصدارات والمؤلفات الجديدة سواء في المجال النثري أو الشعري. وهكذا، تناولت هذه الأنشطة عددا من المحاور ذات الارتباط الوثيق بقضايا الكتابة بالأمازيغية من قبيل: الكتابة بالأمازيغية: أية حصيلة، لغة الكتابة بالأمازيغية، التجربة الشعرية الحديثة بالأمازيغية، التجربة القصصية بالأمازيغية، التجربة الروائية بالأمازيغية، أدب الطفل الأمازيغي، الأدب النسوي الامازيغي.
ومن أجل التعريف بالعناوين الأدبية الجديدة بمختلف أنواعها، عملت رابطة تيرا على برمجة لقاءات مفتوحة بين الكتاب والمبدعين من جهة وبين القراء ومختلف المهتمين من جهة ثانية، وفي نفس الإطار نظمت العديد من المعارض وساهمت في الكثير من الأروقة محليا وجهويا ووطنيا في سبيل التعريف بجديد الكتاب الأمازيغي.
ولأن رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية تؤمن أن الاهتمام بالكتابة بالأمازيغية ليس شأنا خاصا بها لوحدها، بل ينبغي أن يكون شأن جماعيا يندرج ضمن اهتمامات جميع الفاعلين والمهتمين بما في ذلك المؤسسات الرسمية، ولأنها كذلك تؤمن بالعمل التشاركي والجماعي خاصة في المجال الثقافي…فقد بادرت إلى تنشيط عدد من الأنشطة الخارجية التي تناولت كمواضيع: الكتابة الأدبية، تدريس اللغة الأمازيغية والحوامل البيداغوجية، الأدب الأمازيغي، الكتابة الأدبية الأمازيغية والتهيئة اللغوية، الصورة الشعرية في الشعر الأمازيغي، الأدب الأمازيغي الحديث، المقهى الأدبي بالأمازيغية.
ولم تقتصر هذه الأنشطة على المجال الترابي التي تأسست فيه الرابطة، بل شملت عدة مدن ومناطق مغربية منها: تيزنيت، تارودانت، الرباط، بيكرا، بلفاع، ورزازات…وتمت بتنسيق مع عدد من الفعاليات سواء المدنية أو الرسمية ومنها: أكاديمية سوس ماسة درعة للتربية والتكوين، المديرية الجهوية للثقافة بأكادير، الجماعة الحضرية لأكادير، جمعية إليغ، جمعية تاماينوت، الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لسوس ماسة درعة، ثانوية محمد الخامس بتارودانت، مسلك اللغة الأمازيغية، منتدى اللغة والثفاقة الأمازيغية بكلية الآداب بأكادير، جمعية “ئنوراز” ، المجلة الأدبية بالمغرب، جمعية ” تيفاوت “، جماعة بلفاع…
ومن أجل تحفيز وتشجيع الكتاب في مجال الكتابة بالأمازيغية خاصة فئة الشباب المبدع، أطلقت تيرا جائزتها السنوية في ميدان الإبداع بالأمازيغية، وتشمل المجالات الإبداعية التالية: الشعر، الرواية، القصة، المسرح، أدب الطفل. مسابقة أدبية انطلقت منذ 2010 وبلغت لحد الآن دورتها الرابعة. ويتم طبع ونشر جميع الأعمال الأدبية المتوجة لتساهم الرابطة بذلك في إغناء رصيد المنشورات الإبداعية الصادرة بالأمازيغية. إضافة إلى عملها على نشر مؤلفات وكتابات العديد من الكتاب المنتسبين خاصة الشباب منهم، وقد عززت الشراكة النوعية التي تربط بين رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية وبين وزارة الثقافة هذا الجانب. والملاحظ أن عدد الإصدارات التي أصدرتها الرابطة لغاية اليوم يقارب الخمسين إصدارا يشمل مجالات أدبية وإبداعية متنوعة.
ومن أجل تعزيز التواصل مع الكتاب المنتمين إليها، دأبت الرابطة ومنذ تأسيسها على تنظيم لقاءات تواصلية مع الكتاب المنخرطين وذلك في شكل ملتقى وطني للكتاب بالأمازيغية يتضمن إضافة إلى تعريف الكتاب بكل مستجدات الرابطة العديد من الأنشطة الثقافية والإشعاعية.
ونظرا لوعي رابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية بأهمية تكوين المبدعين في مجال اللغة الأمازيغية (النحو، التركيب، التعبير، الإملائية، الخط، التهيئة اللغوية…) إضافة إلى أهمية تكوين المبدعين الشباب في فيما يخص تقنيات الكتابة الإبداعية لاسيما في كتابة المقالة الصحافية بالأمازيغية وكذا كتابة القصة القصيرة، فيما يتم تجميع أحسن إنتاجات الدورات التكوينية وإصدارها في مؤلفات خاصة بطابع جماعي إغناء للخزانة الأمازيغية.
ألف تحية لكل جنود الخفاء في رابطة تيرا ولكل المبدعات والمبدعين المرابطين من أجل كل كلمة بالأمازيغية. تنمرت.