ذ. محمد أكناض.
دأبت رابطة (تيرا) للكتاب بالأمازيغية على تنظيم لقاء سنوي حول إحدى قضايا الأدب الأمازيغي المكتوب، يدعى للمشاركة فيه مختصون، ومبدعون ومهتمون. وقد تم اختيار القصة القصيرة كمحور للقاء هذه السنة 2015.
فإذا كانت اللغة الأمازيغية ثرية بموروثها الأدبي الشفوي فلقد خطت الكتابة الأدبية أيضا خطوات متلاحقة منذ أواسط القرن الماضي، وسجلت تراكمات مهمة في بعض لأجناس الأدبية، الشيء الذ ي تطلب الوقوف عندها والتعريف بها ثم مواكبتها بالمساءلة النقدية. وإذا كانت الرواية والقصة القصيرة والمقالة من الأجناس الأدبية الحديثة الوافدة على الأدب الأمازيغي إذ حققت تراكمات لا بأس بها، في زمن قصير نسبيا، فإن تخصيص لقاء وطني لهذه التجربة لما يقوم مسيرتها وينضج ممارستها، وإذا كان اللقاء الأدبي للسنة ما قبل الماضية خاصا بالرواية فإن محور هذه السنة هو القصة القصيرة.
فخلافا لتجربة الكتابة الروائية في الأمازيغية التي لا زالت مسيرتها وئيدة، فإن جنس القصة القصيرة حقق طفرة مثيرة للإعجاب في ظرف وجيز نسبيا، فكما يعلم المتابعون لمسيرة الأدب الأمازيغي المكتوب، ظهرت المجموعة القصصية الأولى سنة1988 وهي مجموعة (ئماراين) للأستاذ حسن ئد بلقاسم تلتها القصة الطويلة (تيغري ن تبرات) للأستاذ الصافي مومن علي سنة 1992 ثم المجموعة القصصية أنزليف سنة 1998 لمحمد أشيبان، في فترة التسعينات من القرن الماضي نشأ هذا الجنس الأدبي بالريف، شمال المغرب، ولكن في الجنوب، توقفت مسيرة هذا الجنس الأدبي لمدة عشر سنوات، بحيث لم تسترجع عافيتها إلا سنة 2008 بإصدار الأستاذ زهور الحسن اولى مجموعاته القصصية (أموسو ن ومالو) ليتبعها بمجموعته الثانية (ئسكاسن ن تكرست) سنة 2009 وبعد خمس سنوات، أصدر مجموعته الثالثة (تايري د ئزيليض).
الطفرة التي تحدثت عنها آنفا تحققت ما بين سنة 2008 و2015 إذ انتقل عدد المجموعات القصصية من خمس مجموعات إلى أكثر من خمسين مجموعة، في حين أن المجموع الوطني قد يتجاوز السبعين، أصدرت رابطة (تيرا) للكتاب بالأمازيغية منها تسعا وعشرين مجموعة ،كما أصدرت مؤلفين من القصص المترجمة من الأدب العالمي. ولا شك أن الجائزة السنوية للإبداع الادبي التي ظلت رابطة (تيرا) مدة ست سنوات تواظب على تنظيمها، واللقاءات الأدبية التي تعقدها بين الحين والحين من أجل القراءة المواكبة للأعمال الأدبية عملت على خلق دينامية للكتابة بالأمازيغية، فظهرت أقلام شابة من كلا الجنسين أبانت عن إمكانات إبداعية واعدة.
إن اللقاء السادس لرابطة تيرا للكتاب بالأمازيغية الخاص بالقصة القصيرة يبتغي مقاربة بعض الإشكالات التي يطرحها هذا المتن القصصي المتنوع الذي تراكم لمدة جاوزت ثلاثين عاما قلما حظي خلالها بالمقاربة النقدية ولو كانت أفقية أولية وهناك عدة إشكالات تطرحها الكتابة السردية الأمازيغية.
فإلى أي حد مثلا أحدثت الكتابة الحالية قطيعة مع اللغة الشفهية السائدة في الحكاية الأمازيغية التقليدية؟وهل نجح مبدعو هذه النصوص في خلق خصوصية سردية أمازيغية؟ وإلى اي حد ساهمت هذه النصوص في إغناء المعجم الأدبي للغة الأمازيغية؟ وغيرها من الأسئلة التي تطرحها الكتابة بهذه اللغة بصفة عامة، والكتابة في مجال السرد بصفة خاصة.
لعل اللقاء يجيب عن بعض هذه الأسئلة أو جزءا منها على الأقل،على كل فهو فرصة للتعريف بهذا الجنس الأدبي الوافد على لغتنا الأمازيغية الثرية بالسرد الحكائي التقليدي الأصيل.