نظمت رابطة “تيرا” للكتاب بالأمازيغية يوم 27 فبراير2010 لقاء أدبيا و نقديا عن الشعر الأمازيغي المعاصر شارك في تقديمه أربعة من الأدباء و النقاد هم : محمد الفرسخي و العربي موموش و عياد الحيان و رشيد جدال ، كل من الزاوية التي اختص بها.
ابتدأ اللقاء الأدبي و النقدي بورقة رشيد أرجدال المعنونة ب ” القصيدة الأمازيغية من الشفاهة إلى الكتابة” تحدث فيها عن أهمية الشعر الأمازيغي و أهمية المرحلة الحالية بالنسبة للباحثين فيه ، مرحلة تتميز بانتقال الشعر الأمازيغي فيها من الشفاهة إلى الكتابة، و من تم تطرق إلى الشعر الشفوي الذي يمثله شعر أسايس و شعر الروايس .
تميز شعر أسايس بخاصية كونه مكانا للذاكرة الجماعية ، ويستمد قدسيته من المتخيل الثقافي و الحضاري مما جعل هذا النوع الشعري شعرا نبيلا و منبعا لبقية أنواع الشعر الأمازيغي الأخرى كشعر الروايس الذي يستمد قوته التأثيرية من قوة رواده و براعتهم الموسيقية و الغنائية ك ” الحاج بلعيد” و محمد البنسير” و غبرهما، و هو ما نلاحظه في التشابه ببين شعر أسايس و شعر بعض الشعراء الروايس.
و بانتقال الشعر الأمازيغي من الشفاهة إلى الكتابة ، انتقلت معه بنية هذا الشعر نحو آفاق جديدة ، و كان رائد هذا الانتقال الشاعر الكبير علي صدقي أزيكو، ورغم أن بعض الشعراء الروايس كمحمد ألبنسير التجأوا إلى كتابة شعرهم لكن يبقى شعر أزيكو يمثل نموذجا رائدا للشعر الأمازيغي المكتوب ، و مع أن المرحلة الحالية هي مرحلة الكتابة الشعرية فما زالت بعض النماذج الشعرية المكتوبة متأثرة بالمؤثرات الشعر الشفاهي على مستوى ” تالالايت” و على مستوى الصور الشعرية التي ما زالت تمتاح من الثراث الشعري الأمازيغي .
الورقة الثانية للناقد محمد االفرسخي المعنونة ب ” الرمزية في الشعر الامازيغي المكتوب ” :
استهل الناقد عرضه بأهمية الكلمة الشعرية و دورها لدى الشعراء القدامى ، فالشاعر الفرنسي يرى في الكلمة الشعرية لبة الشعر حين يقول ” بالكلمات نصنع الشعر، لا بالأفكار”، و الكلمة تأخذ شعريتها كلما ابتعدت عن المعجم و انزاحت عنه، و هذا الانزياح اللغوي هو أساس الصور الشعرية التي تعطي للشعر شعريته، مما يسهل على الشاعر الدخول إلى عوالم شعرية جديدة، و الشعر الامازيغي المكتوب عرف بدوره هذه التجربة ، فمن خلال بعض الشعراء الذين شملهم الناقد ببحثه كعلي صدقي ازايكو و محمد أسوس و أمكرود ، خلص إلى أن الشاعر الأمازيغي المعاصر يستقي رموزه الشعرية من :
– المجال الأسطوري حيث تكثر الرموز ذات الدلالات الأسطورية عند هؤلاء الشعراء ك”حمو أنمير” و “تانيت ” ..، و لم يقتصر الشاعر الأمازيغي على رموزه الثقافية و الحضارية بل امتاح من الثقافات العالمية رموزا معروفة كدون كيشوت و سيزيف…
– المجال التاريخي و يبدو واضحا في ديوان “تيميتار ” للشاعر الكبير علي صدقي ازايكو.
– قدم الرمز الشعبي و يتجلى في توظيف الشاعر الأمازيغي للأمثال الشعبية الأمازيغية.
كما وظف الشعراء رموزا أخرى منها ما هو ديني و تراثي و ثقافي…
الورقة الثالثة للباحث عياد الحيان تميزت بتحليل قصيدة “أوال” التي افتتح بها الشاعر علي صدقي أزايكو ديوانه ” تيميتار” موظفا تحليلا بنيويا لاستخراج التيمات الأساسية في القصيدة و العناصر الفنية بحمولاتها الدلالية .
ابتدأ الباحث بورقة تعريفية للديوان المعتمد كموضوع للتحليل ، فالديوان ” تيميتار” طبع سنة 1988 بمطبعة عكاظ، و يحتوي على 33 قصيدة ، و أغلبها كتب ما بين سنة 1967 و 1980، و 48% منها كتب في الرباط ، و9 قصائد منه مغناة من طرف مجموعات غنائية.
قصيدة ” أوال” موضوع التحليل كتبت سنة 1978، تبتدئ بالأبيات الشعرية التالية :
أوال ئنو گان أمازيغ
ؤر تن ئسن يان
أوال ئنو گان أمازيغ
ؤر تن ئري بان
و تتمحور القصيدة حول الهوية بحمولاتها الدلالية، و قد استطاع الباحث عياد الحيان ، بواسطة أدوات التحليل الموظفة في التحليل ، من عرض الرموز الدلالية التي تزخر بها القصيدة في علاقاتها البنيوية داخل النص وفي علاقاتها الدلالية المحيلة إلى ما هو خارج النص.
لينتهي الباحث إلى ما هو خارج النص في ربطه نتائج التحليل بشخصية الشاعر، شخصية الشاعر المناضل و المؤرخ ..
الورقة الرابعة للباحث العربي موموش : رمزية الصور الاستعارية في ديوان ” تاگلديت ن تيگاس ” للشاعر محمد أوسوس.
صدر الديوان سنة 2009 و يتضمن 21 قصيدة ، و في تحليله للاستعارات التي يزخر بها الديوان ، اتخذ الباحث أربع قصائد من الديوان مجالا لتحليله ، ممهدا لهذا التحليل بمقدمة نظرية لفن الاستعارة و دورها في شعرية الصورة الشعرية.
و تتنوع الاستعارات الموظفة في هذه القصائد الشعرية موضوع الدراسة و التحليل إلى استعارات بسيطة ( ضد مركبة) تستمد أسسها من المحسوس، و إلى استعارات عميقة و مركبة.
و تتنوع الحقول التي استقى منها الشاعر محمد أوسوس استعاراته اللفظية حيث تتوزع على حقول عديدة منها ما هو مرتبط بالأرض و بالإنسان و بالطبيعة و بالحيوان و بالثقافة و بالأساطير و بالكون.. تنوع يضفي على الصور الشعرية المبنية على الاستعارات جمالية شعرية و عمقا دلاليا يتجلى في شعرية الكلمة وعمقها الدلالي في القصائد موضوع التحليل.
و بعد هذه الاوراق النقدية أعطيت للمتدخلين حيزا زمنيا للنقاش ثم تلاه التعقيب من طرف الباحثين .