الطيب شوران
تعتبر أغنية الروايس الأمازيغية امتدادا موضوعيا وطبيعيا لفنون أسايس المختلفة والمتنوعة، كأحواش وأحيدوس والدرست وغيرها، والتي توسل بها الإنسان الأمازيغي للتعبير عن التآزر والتضامن بين أفراد القبيلة في أفراحهم وأقراحهم، ورمزا للاحتفال الجمعي في المناسبات العائلية( أعراس وختان والعقائق…)، والقبلية (المواسم والطقوس المرتبطة بالفلاحة)، والوطنية ( الأعياد والمناسبات الوطنية).
ولئن كانت الفنون التقليدية الأمازيغية تؤدى بوسائل بسيطة؛ إذ يعتبر العنصر البشري الركيزة الأساس في تأديتها، ولا تستعمل فيها إلا آلات موسيقية بسيطة “كالبندير” و”الناي” و”الناقوس”، فإن فن الروايس طور أدوات اشتغاله وأخذ يستعمل آلات موسيقية جديدة منها “الرباب” و”لوتار” وغيرهما، كما استفاد أيضا من التسجيل الصوتي في مرحلة الثلاثينات من القرن الماضي، والذي لم يكن موجودا من قبل، الشيء الذي يفسر غياب أغاني وأسماء روايس هذا الفن قبل الجيل الذي أتيح له التسجيل والذي يعتبر جيل التأسيس تجاوزا، رغم أن في إنتاجاتهم ما يؤشر على وجود روايس قبلهم، تناولوا في مواضيعهم الفروسية والشهامة والتغني بأمجاد القبيلة والبسالة في المعارك والدفاع عن حرمتها، وبالتالي فجيل التأسيس يعتبر نفسه مجددا على مستوى الموضوعات والصور، فتناول إضافة إلى ما تناوله الجيل الذي قبله والذي أسقط من خريطة أغنية الروايس بفعل غياب التسجيل والتوثيق كما ذكرنا، وصف السيارات والشاي ووصف العمران والبنيان، يقول الحاج بلعيد، زعيم جيل التأسيس وأحد وأسطورة هذا الفن في أغنيته “المكينة”/ الآلة:
السلف لا يتناول إلا البندقية والخيل
أما نحن فالسيارات والشاي والبنيان
يؤكد هذا المقطع وجود أغنية الروايس قبل الحاج بلعيد الذي يعتبر مؤسس أغنية الروايس، من جهة، وأن جيل التأسيس إنما هو مجدد في المواضيع التي تتناولها أغنية الروايس، والتحديث الذي لحقها تماشيا مع روح العصر ومواكبة للمستجدات على الساحة الوطنية والدولية من جهة ثانية. وقد تناولت أغنية الروايس تقريبا كل المواضيع التي تهم، ليس الإنسان الأمازيغي فحسب، ولكن التي تهم الإنسان بشكل عام، كالحب والمرأة والزواج والهوية واللغة والحرية والمقاومة والدين والحرب والتكنولوجيا…