موقع الأمازيغية في البرنامج الثقافي للمعرض الدولي للكتاب: وما زال التهميش قائما

You are currently viewing موقع الأمازيغية في البرنامج الثقافي للمعرض الدولي للكتاب: وما زال التهميش قائما

ذ. لحسن زهور

الآن بعد أن انتهى المعرض الدولي الواحد و العشرون للكتاب الذي شهدته الدار البيضاء مؤخرا ما بين 13 فبراير و 22 منه لهذه السنة 2015، و بعد أن هدأت الانتقادات الانطباعية و العاطفية المرتبطة بتوثر اللحظة، يأتي الآن دور التقييم الموضوعي المعتمد على الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالأنشطة الثقافية و الفنية الموازية لهذا المعرض، التقييم الموضوعي يترك العاطفة و الانفعال جانبا ليعتمد على الأرقام الإحصائية التي لا يمكن أن يختلف حولها اثنان، ثم تأتي مرحلة قراءة هذه الأرقام للحكم و التقييم على هذا البرنامج الثقافي و مدى التزامه باحترام التعدد الثقافي و اللغوي الذي أقره الدستور المغربي و أكدته و تؤكده التوجيهات و التوجهات للسياسة الثقافية و اللغوية للبلد.

و قبل نشر الأرقام و الإحصائيات المتعلقة بالأنشطة الثقافية و الفنية الموازية للمعرض، لا بد من الإشارة إلى الحديث، حين يتعلق الأمر بالأمازيغية، الى هذا التناقض بين الخطاب الرسمي و بين أجرأة و تنزيل هذا الخطاب إلى المستوى التطبيقي ، حيث سيلاحظ مدى التباعد ما بين التصريحات الرسمية و التوجهات العامة للدولة، وما بين التطبيق الفعلي لهذه التوجهات و التوجيهات، انطلاقا من الأجهزة العليا على مستوى الوزارات و هلم نزولا إلى الهياكل و الإدارات المتوسطة و الصغرى الرسمية للدولة ، مما يطرح الكثير من التساؤلات التي تتطلب أجوبة يجب البحث عنها في دواليب السياسية و دهاليزها و المتعلقة بمدى جدية تفعيل بنود الدستور التي تشير إلى أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية للمغرب.

 
نعيد هذه الملاحظة، التي تثار دوما في الساحة السياسية و الثقافية ببلدنا، بمناسبة انتهاء المعرض الدولي للكتاب، و ما يهمنا في هذا المعرض هو مدى حضور الأمازيغية في هذه الواجهة الثقافية التي تمثل المغرب بمكوناته، و مدى درجة اهتمام المستوى الرسمي الحكومي بالأمازيغية، الذي ما فتئ يدبج خطاباته الرسمية باعتنائه بالأمازيغية و إعطائها ما تستحقه، في حين أن الواقع يفتقر الى العمل الجاد لأجرأة هذا الاعتناء. فهل الخطاب الحكومي حول الاعتناء بالأمازيغية خطاب جاد أم أنه فقط للاستهلاك الداخلي و الدولي خصوصا و أن المجال الثقافي الذي سنتحدث عنه لا يتطلب الا قرارا سياسيا صادقا مع توجهاته ؟ فلندع البرنامج الثقافي في المعرض الدولي للكتاب لسنة 2015 يتحدث بالأرقام و الإحصائيات عن مدى حضور المكونين الثقافيين و الأساسيين للمغرب، و عن مدى الهيمنة المطلقة لمكون ثقافي مغربي معين، و عن مدى التهميش الذي طال المكون المغربي الآخر أي الأمازيغي في هذا البرنامج، حتى بدا هذا المكون الأساسي مكونا يتيما كأنه خرج لتوه من ملجإ للأيتام، رغم أن الدستور المغربي أقر بالمساواة بين المكونين. 

فهل هذا يتماشى و التوجهات و التوجيهات الرسمية المعلنة للسير في طريق إصلاح المسار الثقافي و الهوياتي الخاطئ الذي سلكه المغرب سابقا ليتصالح مع ذاته؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه إعادة إنتاج نفس الأخطاء، و كأننا في مباراة رياضية تتم فيها المماطلة لربح الوقت، و ليس الهدف تنمية وطن ليشعر فيه كل أبنائه بأنهم أبناؤه و ليسوا أيتاما..

في الصفحة الخامسة من كتيب وزارة الثقافة الموزع في المعرض و المتضمن للبرنامج الثقافي، وردت فقرة من خطاب العرش لسنة 2013 ورد فيها ” فإننا حريصون على إعطاء الثقافة ما تستحقه من عناية و اهتمام، إيمانا منا بأنها قوام التلاحم بين أبناء الأمة، و مرآة هويتها و أصالتها. و لما كان المغرب غنيا بهويته، المتعددة الروافد اللغوية و الاثنية، و يملك رصيدا ثقافيا و فنيا، جديرا بالإعجاب، فإنه يتعين على القطاع الثقافي أن يجسد هذا التنوع، و يشجع كل أصناف التعبير الإبداعي”. ص 5 من كتيب البرنامج الثقافي. فهل تم تفعيل هذا التنوع؟ و هل تم تطبيق المساواة بين الروافد اللغوية للمغرب ؟ وهل اتجه البرنامج نحو تمتين التلاحم بين أبناء الامة؟ وهل عكس فعلا غنى المغرب بهويته المتعددة الروافد وفي صلبها الأمازيغية؟ ثم إذا رجعنا إلى الدستور، كأسمى قانون في البلاد، في هذا الجانب الثقافي و اللغوي، فهل تم احترامه؟ لندع البرنامج الثقافي للوزارة في المعرض الدولي للكتاب لهذه السنة وهي السنة الثالثة بعد إقرار الدستور الجديد يتحدث عن نفسه بالأرقام ليجيب عن الأسئلة المطروحة: 
يتوزع البرنامج الثقافي و الفني للمعرض الدولي لهذه السنة على ثلاثة عشر محورا و هي تقريبا نفس محاور السنة الماضية، تختلف حسب الأهمية التي أولتها الوزارة لهذه المحاور مقارنة مع السنة الماضية.

1– محور الندوات : 

عددها:    15  ، يلاحظ تراجع في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت 21 ندوة. 
بالعربية :  15 . السنة الماضية: 12
بالامازيغية : 0 . السنة الماضية : 03
بالفرنسية : 0 . السنة الماضية: 06.

2–   محور تجارب في الكتابة : 

عدد التجارب: 04، يلاحظ تراجع في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية وهي كالتالي: 
بالعربية :     04 . السنة الماضية: 08
بالامازيغية :  0 .  السنة الماضية : 00
بالفرنسية :  0 .   السنة الماضية: 00.

3–  محور لقاءات مع الفائزين بجائزة المغرب للكتاب: 

عددها :     01، يلاحظ تراجع في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت لقاءين. 
بالعربية :  01  . السنة الماضية: 02
بالامازيغية : 0 . السنة الماضية : 00
بالفرنسية : 0.   السنة الماضية: 00.

4–  محور جائزة الاركانة العالمية للشعر :

عددها: 01، السنة الماضية 01. 

5–  الجائزة العالمية للرواية العربية ( البوكر) :

  أضيفت هذه السنة، و أعلن فيها عن أسماء المترشحين الثلاثة المتنافسين على هذه الجائزة و التي تقام كل سنة في الإمارات العربية المتحدة .

6– ساعة مع كاتب :

عددها:     09 ، يلاحظ تقدم في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت 05. 
بالعربية :  03  . السنة الماضية:   04
بالامازيغية: 01 . السنة الماضية : 00
بالفرنسية :  05 . السنة الماضية:   01.

7– ثنائيات: المغرب- سويسرا : 

عددها:04 لقاءات ، أغلبها باللغة الفرنسية.

8–  ذاكرة : 

عددها:   06 ، يلاحظ تقدم في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت  05. 
الكتاب بالعربية :    03 .         السنة الماضية: 07
الكتاب بالامازيغية : 01 ( أزايكو). السنة الماضية : 00
الكتاب بالفرنسية :  02 .        السنة الماضية: 00.

9- أصوات جديدة في الكتابة : 

عددها:      02 ،  يلاحظ تراجع في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت 08. 
بالعربية :   01  .   السنة الماضية:  06
بالامازيغية : 01 . السنة الماضية :   00
بالفرنسية :  05 . السنة الماضية:    02 .

10-  محور لحظة شعرية و أمسية فنية: 

عددها:     08 ،  يلاحظ تقدم في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت 05. 
بالعربية :    08 . السنة الماضية:   04
بالامازيغية : 00 . السنة الماضية : 00
بالفرنسية :  00 . السنة الماضية:  01 .

11–    محور تقديم كتب : 

عددها:       17 ، يلاحظ تقدم كبير في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت 05. 
بالعربية :    15   . السنة الماضية:   04
بالامازيغية : 01 .   السنة الماضية : 00
بالفرنسية :  01 .   السنة الماضية:  01.

  12- محور آفاق مهنية : 

عددها:      02 ، يلاحظ تراجع في هذا المحور مقارنة مع السنة الماضية التي شهدت 07. 
بالعربية :   02 . السنة الماضية:    04  
بالامازيغية : 00 . السنة الماضية : 00
بالفرنسية : 00 . السنة الماضية:    03.

من خلال قراءتنا لهذه المحاور ونصيب الأمازيغية منها فالأرقام تتحدث عن نفسها، ولا داعي للخوض فيها، لأن الأرقام هي أرقام رياضية حسابية مأخوذة من عدد الأنشطة ونوعها كما وردت في كتيب البرنامج الثقافي للمعرض.

فمما يفوق 74 نشاطا ثقافيا شهده المعرض، نالت الأمازيغية 4 أنشطة فقط بنسبة مئوية هي 03 % تقريبا، ونترك للقراء و للمهتمين و للمسؤولين الحكم على مدى التزام الحكومة بالتوجهات و التوجيهات الرسمية في ما يتعلق بالحقل الثقافي. المغربي الذي ما زال يهيمن عليه بعد واحد هيمنة مطلقة. وكان منتظرا من وزارة الثقافة، التي يترأسها وزير من حزب يساري نكن له الاحترام نظرا لمواقفه الايجابية و الشجاعة المتمثلة في وقوفه مع الحقوق الثقافية و اللغوية الأمازيغية منذ السبعينات من القرن الماضي، أن تعكس الوجه الثقافي المغربي في تنوعه اللغوي و الأدبي.