ذ.موحا مخلص
هذا الكتاب يعتبر ثمرة عمل ميداني دؤوب ومساهمة قيمة للتعريف والحفاظ على الموروث الثقافي الفني والموسيقي لمنطقة الأطلس المتوسط خاصة والمغرب الأوسط (MAROC CENTRAL) بصفة عامة. كتاب ينقذ أعلاما ثقافية ورموزا موسيقية أمازيغية من النسيان، وهم فنانون وفنانات ساهموا،علانية وبخفاء، في استمرار وتطوير الموسيقى الأمازيغية وحفظها من الاندثار الذي كان يهدد وجودها وخصوصيتها الأصلية بفعل التهميش الممنهج والإقصاء المتعمد اللذين استهدفا هذه المنطقة.
كتاب إذن للحفاظ على الذاكرة الجماعية والوطنية في مجال الإبداع والفن الموسيقيين.
والأستاذ حمزاوي، ابن المنطقة، من بين المناضلين الأمازيغيين القلائل، إن لم نقل الوحيد، الذين ركزوا اهتماماتهم للنبش في التراث الموسيقي للأطلس المتوسط، وهو مناضل رزين، يفضل العمل بعيدا عن الأضواء، حيث أخذ من وقته الكثير، بل كرس وقته للقيام بزيارات ميدانية بحثا عن الجذور: جذور الفنانين والفنانات، حيث استطاع جمع المعلومات الأساسية حول الأصول الجغرافية والقبلية (Tribales) للفنانين، وألقى الضوء حول تكوينهم الموسيقي، ومهنهم وانخراطهم الفني وعطاءاتهم المتنوعة والمختلفة.
إنه بالفعل عمل تطلب الصبر والتنقل، عمل يمزج بين البحث الموضوعي وإكراهات الواقع المجتمعي. والكتاب كذلك مبادرة ناجحة نظرا لكم الفنانين الذين تم الاتصال بهم أو بأهلهم لتقصي المعلومات الأولية والضرورية والمعطيات التي تم جمعها وإنقاذها من النسيان، خاصة أن هذه المنطقة خزان للموروث الثقافي الأمازيغي في مجالات الشعر والرقص والفن والموسيقى، وهو كذلك فضاء شاسع لازالت أغلبية ساكنته تتحدث بلغتهم الأم الأمازيغية.
ويمكن التمعن في مسار هؤلاء الفنانين لمعرفة الظروف القاسية التي عاشتها المنطقة بأكملها بحيث أنها، رغم مقاومتها الشرسة ضد المستعمر، همشت بعد الاستقلال وعانت من ويلات القمع السلطوي بكل أشكاله، قمع تبنته الدولة المركزية التي تبنت إيديولوجية عُروبية قومية تنبذ الواقع الأمازيغي المغربي وتهدف إلى إبادة هذه الخصوصية الوطنية الأصلية.
ويتكون الكتاب من عدة فصول خصصت لأنواع الآلات التي يستعملها الفنانون: عازفو الوتار، عازفو العود، عازفو الكمان وعازفو البندير… والكتاب باقات من البورتريهات للفنانين، يمكن القارئ من الإطلاع على معلومات أولية حول الفنان: الازدياد ومكانه، نوع الآلات، العلاقات بالفنانين، والكل معزز بوثائق رسمية تؤكد مصداقية المعطيات التي تم جمعها.
ونؤكد أن هذه العمل، الأول من نوعه، لبنة هامة في ميدان التدوين والحفاظ على ذاكرة الأطلس المتوسط، ومرجع يعيد الاعتبار لفنانين منسيين، ومساهمة في ورش وطني يروم التصالح بين المغاربة وجذورهم. ويمكن أن يكون حافزا وتشجيعا للفنانين أولا وللمتثقفين والمناضلين للمساهمة في التدوين لموسيقى الأطلس المتوسط قصد ملاءمتها مع معطيات العصر ولم لا، إدماجها في التكنولوجيات المعلوماتية وأنظمة التواصل العصرية.
المؤلف: عبد المالك حمزاوي
عدد الصفحات : 768
صورة الغلاف : الفنان وعصيم حمو أواليازيد ومجموعة من الفنانين
تقديم الكتاب : ذ. موحى مخلص
تصميم الغلاف : رضا حمزاوي
الحجم : 17*24 سنتيمتر
الطبعة الأولى : 2964 / 2014
مطبعة المعارف الجديدة الرباط